بدايةً ومع تطور البيئة التجارية في المملكة العربية السعودية، وحرص الحكومة على تحقيق العدالة والنزاهة في قطاع الأعمال، أصبح ملف خطر التستر التجاري على الشركة من أبرز الملفات التي تتصدر المشهد الاقتصادي والقانوني، وتُعد مكافحة التستر ركيزة أساسية لرؤية المملكة 2030 لما له من أثر مباشر على الاقتصاد الوطني، لذلك سنتناول في هذا المقال خطر التستر التجاري على الشركة.
لكن السؤال المهم هو: هل تعلم أن بعض ممارسات شركتك قد تُعرضها لتهمة التستر التجاري دون علمك؟
في هذا المقال، سنسلط الضوء على خطر التستر التجاري على الكيانات التجارية بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى توضيح تعريف التستر التجاري وأبرز صوره. كما نتناول العقوبات النظامية التي أقرها النظام الجديد لمكافحة التستر، إلى جانب استعراض طرق كشفه، والحلول الوقائية التي تساعد المنشآت على الالتزام، والحد من المخاطر المحتملة، وذلك كله وفقًا لأحكام نظام مكافحة التستر الصادر حديثًا.
أولًا: ما هو التستر التجاري؟
التعريف القانوني للتستر التجاري
وفقًا لنظام مكافحة التستر الجديد:
التستر هو “تمكين غير السعودي من العمل لحسابه الخاص من خلال استخدام اسم سعودي أو سجله التجاري أو ترخيصه أو بأي طريقة أخرى”.
تواصل الآن مع أفضل شركة محاماة مُتخصصة في قضايا التستر التجاري
أشكال التستر الشائعة:
- تسجيل مؤسسة باسم سعودي، ولكن يُديرها وافد فعليًا.
- فتح حساب بنكي باسم الشركة ولكن يتحكم به غير السعودي.
- تفويض غير السعودي بتوقيع العقود، التفاوض، وإدارة الأموال.
- استخدام اسم سعودي كواجهة فقط للحصول على التراخيص.
ثانيًا: هل شركتك في دائرة الخطر؟
مؤشرات التستر التجاري داخل الشركات:
- مثل غياب الشريك السعودي عن الإدارة الفعلية.
- وأيضاً تحويل أرباح ضخمة من حساب الشركة إلى حساب العامل الأجنبي.
- توقيع العقود أو إدارة العمليات اليومية من قبل غير سعودي.
- وكذلك جود شراكة “صورية” لا تستند إلى مساهمة فعلية من السعودي.
تحذير مهم:
ومن الجدير بالذكر أن جهلك بالتفاصيل لا يُعفيك من المسؤولية القانونية.
النظام يُحمّل كل طرف مشارك في التستر المسؤولية سواء كان بالتنفيذ أو العلم أو التغاضي.
ثالثًا: ما عقوبات التستر التجاري في النظام السعودي؟
العقوبات وفقًا لنظام مكافحة التستر الجديد:
1. عقوبات مالية
- غرامات تصل إلى 5 ملايين ريال.
2. عقوبات جزائية
- السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
3. عقوبات إدارية
- شطب السجل التجاري.
- إلغاء التراخيص.
- الحظر من مزاولة النشاط.
- تصفية النشاط التجاري.
4. عقوبات إضافية
- إبعاد المتستر عليه (غير السعودي) عن المملكة.
- نشر الحكم القضائي على نفقة المخالف في الصحف.
⚖️ العقوبة لا تقتصر على الفرد بل قد تمتد إلى الكيانات والشركات التي ساهمت أو تغاضت.
موضوع مهم حماية الملكية الفكرية بالسعودية
رابعًا: كيف تكتشف وزارة التجارة التستر التجاري؟
طرق الكشف تشمل:
- بلاغات من موظفين أو شركاء.
- البلاغات عبر تطبيق بلاغ تجاري.
- التحريات الميدانية والزيارات الرقابية.
- التحليل المالي لحركة الحسابات البنكية.
- الذكاء الاصطناعي وأنظمة الربط الإلكتروني مع الجهات الأخرى.
📊 معلومة: في عام 2023، تم تسجيل آلاف الحالات من التستر المكتشف تقنيًا دون بلاغ بشري.
خامسًا: كيف تتجنب الوقوع في التستر التجاري؟
خطوات عملية لحماية نشاطك:
1. الإشراف الفعلي على النشاط
بدايةً عليك أن تحرص على المشاركة الفعلية في إدارة النشاط التجاري واتخاذ القرارات الجوهرية، وألا تترك العمل بالكامل للعامل الأجنبي، إذ إن غيابك عن الإدارة قد يُعد مؤشرًا على وجود تستر تجاري، ويُعرضك للمساءلة النظامية.
2. فصل المهام والصلاحيات
ومن باب الوقاية النظامية، احرص على توثيق المسؤوليات وتحديد الصلاحيات الممنوحة للعاملين بدقة، تجنبًا لأي تجاوز أو استغلال. ومن الأفضل كلما أمكن تفويض شخص سعودي في الأمور الحساسة أو ذات الطابع المالي والإداري، لضمان الامتثال للأنظمة وتفادي شبهات التستر أو التلاعب.
3. المراقبة المالية
وفي إطار تعزيز الشفافية المالية، تابع التحويلات البنكية والحسابات الرسمية بشكل دوري، وتأكد في الوقت ذاته من عدم وجود أي تحويلات غير مبررة إلى حسابات شخصية، إذ قد يعتبر ذلك مؤشرًا على ممارسات غير نظامية تستوجب التدقيق أو المساءلة.
4. توثيق العقود والشراكات
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن أي علاقة تجارية مع غير السعودي يجب أن تكون موثقة بشكل قانوني، تجنبًا لأي نزاع مستقبلي أو مساءلة نظامية. ومن الأفضل أيضًا، وقبل الدخول في أي شراكة أو اتفاق، استشارة محامٍ مختص لضمان توافق العلاقة مع الأنظمة السعودية وتفادي التبعات القانونية المحتملة.
5. التصحيح الطوعي
أطلقت وزارة التجارة مبادرة تصحيح أوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر، وتمنح فرصة لتعديل النشاط أو دخول في شراكة نظامية مع غير السعوديين قبل تطبيق العقوبات.
سادسًا: ماذا تفعل إذا اشتبهت بوجود تستر في شركتك؟
- استشر محاميًا فورًا.
- راجع وضعك النظامي وقيّم علاقة الشركة بغير السعوديين.
- قدّم طلب تصحيح عبر المنصة الوطنية قبل انقضاء المهلة النظامية.
- تعاون مع الجهات المختصة في حال وجود تحقيق.
سابعًا: التستر التجاري وتأثيره على الاقتصاد الوطني
آثار سلبية خطيرة تشمل:
- تهريب الأموال إلى الخارج.
- تشويه المنافسة السوقية.
- حرمان المواطنين من فرص العمل.
- انتشار التهرب الضريبي والزكوي.
رؤية المملكة 2030 تهدف إلى:
- القضاء على اقتصاد الظل.
- تعزيز الشفافية.
- توطين الوظائف.
- دعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
خلاصة
ختاماً يعتبر إصدار التستر التجاري جريمة اقتصادية جسيمة في النظام السعودي، حيث يعرض هذا الأمر الشركة والأفراد المسؤولين لعقوبات صارمة، قد تشمل السجن، الغرامة، والإغلاق النهائي، لذلك، ولتجنب الوقوع في هذه المخالفة، ينبغي الحرص على ممارسة النشاط التجاري وفق ضوابط واضحة ومحددة، كما يجب عدم منح غير السعودي أي صلاحيات تجعل منه في حكم “صاحب العمل”، وذلك حمايةً للنشاط التجاري والتزامًا بأحكام النظام.