طريقة كتابة شرط التحكيم

طريقة كتابة شرط التحكيم

طريقة كتابة شرط التحكيم من الأمور الهامة في ظل التطورات القانونية المتسارعة في المملكة العربية السعودية، حيث أصبح طريقة كتابة شرط التحكيم أحد الركائز الأساسية لحل النزاعات التجارية والمالية. ويعد شرط التحكيم من أهم البنود التي تدرج في العقود، إذ يمكّن الأطراف من تفادي طول الإجراءات القضائية التقليدية واللجوء إلى آلية بديلة لتسوية المنازعات. وتحظى صياغة شرط التحكيم بأهمية قصوى، حيث إن الصياغة غير الدقيقة قد تُعرض صلاحية هيئة التحكيم للطعن أو تُضعف من قوة الحكم التحكيمي، لذلك إذا كنت مهتم بمعرفة طريقة كتابة شرط التحكيم، عليك قراءة هذا المقال.

في هذا المقال، سنقدم تحليلًا قانونيًا شاملًا لصياغة شرط التحكيم في النظام السعودي، مع التركيز على الجوانب التشريعية، والمعايير المطلوبة، وأمثلة عملية، ونصائح قانونية تساعد الممارسين والشركات على تضمين شرط تحكيم فعال وسليم قانونيًا.

تواصل الآن مع أفضل شركة محاماة متخصصة في قضايا التحكيم التجارية، واحصل على استشارة قانونية

جدول المحتوى

أولًا: الإطار القانوني لشرط التحكيم في المملكة العربية السعودية

1. نظام التحكيم السعودي: المحطة الأساسية

صدر نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية بالمرسوم الملكي رقم (م/34) وتاريخ 24/5/1433ه (الموافق 29 أبريل 2012م)، وهو القانون الأساسي الذي ينظم إجراءات التحكيم داخل المملكة. ويعد هذا النظام من أبرز الإنجازات القانونية التي تُواكب المعايير الدولية، خاصة أنه مُستوحى من نموذج قانون الأونسيترال للتحكيم (UNCITRAL Model Law)، ما يعزز من ثقة المستثمرين في البيئة القانونية السعودية.

ويُعرّف النظام التحكيم بأنه:

“طريقة لتسوية المنازعات بين طرفين أو أكثر، بناءً على اتفاقهم، بحكم يصدر من هيئة تحكيم مختصة، ويُنفذ وفقًا لأحكام هذا النظام”.

ثانيًا: عناصر صياغة شرط التحكيم الصحيح في النظام السعودي

لضمان صلاحية شرط التحكيم وتنفيذه، يجب أن يتضمن مجموعة من العناصر الأساسية. ونستعرضها أدناه مع شرح قانوني لكل عنصر:

1. الصيغة الكتابية (الكتابة كشرط أساسي)

كما أوضحنا، يشترط نظام التحكيم أن يكون الاتفاق التحكيمي مكتوبًا. ويشمل المقصود بالكتابة:

  • النص المطبوع أو الإلكتروني في العقد.
  • المراسلات (مثل البريد الإلكتروني) التي تثبت موافقة الطرفين.
  • الإشارات إلى وثيقة تحتوي على شرط تحكيم (مثل الإشارة إلى لائحة تحكيم معروفة).

ووفق المادة (9/ج)، يعتبر الاتفاق مكتوبًا إذا كان:

“مُثبتًا في وثيقة وقّعها الطرفان، أو في تبادل خطابات أو بريدي إلكتروني أو وسيلة إلكترونية أخرى تُثبت الاتفاق”.

2. تحديد موضوع النزاع (نطاق التحكيم)

يجب أن يكون شرط التحكيم واضحًا في تحديد نوع النزاعات التي يمكن أن تحال إلى التحكيم. فصياغة عامة مثل:

“تُحل جميع المنازعات الناشئة عن هذا العقد بالتحكيم”
تُعد مقبولة، لكن يُفضل توضيح الطبيعة (تجارية، مالية، تنفيذية…).

ومن الأمثلة على الصياغة الدقيقة:

“تُحال جميع المنازعات أو الخلافات الناشئة عن تنفيذ أو تفسير أو إنهاء هذا العقد إلى التحكيم وفقًا لنظام التحكيم السعودي”.

3. تحديد مركز التحكيم (محل التحكيم)

من أهم العناصر التي تؤثر على التطبيق القانوني للتحكيم هو محل التحكيم (Seat of Arbitration). فمحل التحكيم يحدد القانون الإجرائي الواجب التطبيق، ومكان الطعن في الحكم التحكيمي.

ومن الأفضل تحديد المدينة بوضوح، مثل:

“يكون محل التحكيم في مدينة الرياض، المملكة العربية السعودية”.

فإذا لم يحدد محل التحكيم، قد تنشأ خلافات حول ما إذا كان التحكيم يخضع للنظام السعودي أم لا.

4. عدد المحكمين وطريقة تعيينهم

يجب أن يتضمن شرط التحكيم تحديد عدد المحكمين (محكم واحد أو ثلاثة غالبًا)، وطريقة تعيينهم. وتنص المادة (10) من نظام التحكيم على أن:

“يُحدد عدد المحكمين باتفاق الأطراف، وإذا لم يُتفق، يكون عدد المحكمين ثلاثة”.

ولضمان سلاسة التعيين، يفضل تضمين نص يوضح:

  • كيفية تعيين المحكمين.
  • ماذا يحدث في حال تعذر التعيين (اللجوء إلى جهة تعيين مثل مركز التحكيم السعودي).

مثال:

“يتم تعيين ثلاثة محكمين، يُعيّن كل طرف محكمًا واحدًا، ويُعيّن المحكمان معًا المحكم الثالث الذي يُكون هيئة التحكيم”.

5. قانون يُحكم به النزاع (قانون المواد)

رغم أن نظام التحكيم لا يشترط تحديد القانون الموضوعي، إلا أن تحديده يعد من ممارسات الصياغة الجيدة. فتحديد القانون (مثل القانون السعودي أو قانون دولي معين) يقلل من النزاعات حول تفسير العقد.

مثال:

“تخضع جميع النزاعات الناشئة عن هذا العقد للقانون السعودي”.

6. اللغة والإجراءات

تحديد لغة التحكيم يسهل الإجراءات، خاصة في العقود الدولية. ويمكن تضمين نص مثل:

“تكون لغة التحكيم هي اللغة العربية”.

7. المرجع التحكيمي أو مركز التحكيم

من الأفضل تحديد جهة إدارية تشرف على التحكيم، مثل:

  • المركز السعودي للتحكيم الدولي (SCAI).
  • غرفة التجارة السعودية.
  • المركز الدولي للتحكيم التجاري (ICC).

مثال:

“تُحال المنازعات إلى التحكيم وفقًا لنظام المركز السعودي للتحكيم الدولي”.


ثالثًا: أمثلة عملية على صياغة شرط التحكيم

لتوضيح ما سبق، نقدم أدناه نماذج عملية لصياغة شرط التحكيم وفقًا للمعايير القانونية في النظام السعودي:

أولا: شرط تحكيم بسيط وواضح

“يُتفق الطرفان على أن جميع المنازعات أو الخلافات الناشئة عن هذا العقد أو فيما يتعلق به، بما في ذلك ما يتعلق بوجوده أو صحته أو تنفيذه أو فسخه، تُحال إلى التحكيم النهائي الملزم وفقًا لأحكام نظام التحكيم السعودي. يكون محل التحكيم في مدينة الرياض، المملكة العربية السعودية، وتكون لغة التحكيم هي اللغة العربية، ويُعيّن محكم واحد بالاتفاق بين الطرفين، أو في حال تعذر الاتفاق، يُعيّن وفقًا لنظام المركز السعودي للتحكيم الدولي”.

ثانيا: شرط تحكيم متقدم (لعقود دولية)

“أي نزاع أو خلاف ينشأ عن أو فيما يتعلق بهذا العقد، بما في ذلك تفسيره أو تنفيذه أو فسخه، يُحال إلى التحكيم النهائي والملزم وفقًا لنظام التحكيم السعودي. يكون محل التحكيم في الرياض، المملكة العربية السعودية. تُجرى إجراءات التحكيم وفقًا لنظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي م/34 وتاريخ 24/5/1433ه. تُجرى الجلسات باللغة الإنجليزية، وتكون اللغة الرسمية للوثائق هي الإنجليزية. تتكون هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين، يُعيّن كل طرف محكمًا واحدًا، ويُعيّن المحكمان معًا المحكم الثالث رئيسًا للهيئة. في حال تعذر التعيين، يُعيّن المحكمون من قبل المركز السعودي للتحكيم الدولي. تخضع جميع المسائل القانونية لهذا العقد للقانون السعودي”.

ثالثا: شرط تحكيم يعتمد على مركز دولي

“تُحال جميع المنازعات الناشئة عن هذا العقد إلى التحكيم وفقًا لقواعد التحكيم الصادرة عن غرفة التجارة الدولية (ICC). يكون محل التحكيم في الرياض، المملكة العربية السعودية. تتكون هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين. تُجرى الإجراءات باللغة الإنجليزية. تخضع هذه الاتفاقية وأي نزاع ينشأ عنها للقانون السعودي”.


رابعًا: أخطاء شائعة في صياغة شرط التحكيم (وما يجب تجنبه)

رغم بساطة شرط التحكيم، إلا أن العديد من العقود تقع في أخطاء قانونية تضعف من قوة هذا الشرط. وفيما يلي أهم الأخطاء التي يجب تجنبها:

1. الصيغة الغامضة أو العامة جدًا

مثل:

“يُمكن اللجوء إلى التحكيم إذا اختلف الطرفان”.

هذه الصيغة غير ملزمة، وتفتقر إلى الوضوح، وقد تعتبر مجرد نية وليس اتفاقًا.

2. عدم تحديد محل التحكيم

إغفال تحديد “محل التحكيم” يعرض الحكم التحكيمي للطعن، لأن النظام السعودي لا ينفّذ الأحكام التحكيمية إلا إذا كان محل التحكيم في المملكة أو كان هناك اتفاق دولي يُجيز التنفيذ.

3. تضمين شرط التحكيم في ملاحق أو وثائق غير موقعة

إذا كان العقد يشير إلى ملحق يحتوي على شرط التحكيم، لكن الطرف لم يوقع على الملحق، فقد لا يعتبر الشرط ملزِمًا.

4. التناقض بين شرط التحكيم وشرط القضاء

مثل تضمين عبارة:

“تختص المحاكم السعودية بالنظر في النزاعات”،
ثم إضافة:
“ويجوز التحكيم إذا اتفق الطرفان”.

هذا التناقض يضعف شرط التحكيم، ويعطي الأولوية للقضاء.

5. إغفال تحديد عدد المحكمين

إذا لم يحدد عدد المحكمين، يفترض أن يكون العدد ثلاثة، لكن هذا قد يسبب تأخيرًا في التعيين.


خامسًا: دور مراكز التحكيم في تحسين صياغة شرط التحكيم

شهدت المملكة العربية السعودية نهضة في مجال التحكيم، بفضل إنشاء مراكز متخصصة مثل:

  • المركز السعودي للتحكيم الدولي (SCAI).
  • مركز التحكيم في غرفة الرياض.
  • مركز التحكيم في غرفة جدة.

تقدم هذه المراكز:

  • نماذج جاهزة لشرط التحكيم.
  • دعم قانوني في صياغة البنود.
  • آلية تعيين المحكمين.
  • إدارة إجراءات التحكيم.

ومن المستحسن أن تدرج العقود التجارية مرجعًا إلى إحدى هذه المراكز، لأن ذلك يضيف مصداقية وشفافية للعملية التحكيمية.


سادسًا: التحكيم الدولي والاعتراف بأحكام التحكيم في السعودية

بفضل انضمام المملكة إلى اتفاقية نيويورك 1958 بشأن الاعتراف بطلبات التحكيم الأجنبية وإنفاذها، أصبح من السهل تنفيذ الأحكام التحكيمية الصادرة خارج المملكة، بشرط:

  • أن يكون محل التحكيم في دولة طرف في الاتفاقية.
  • ألا يخالف الحكم النظام العام السعودي.

وهذا يعزز من أهمية صياغة شرط التحكيم بطريقة تتوافق مع المعايير الدولية، خاصة في العقود ذات البُعد الدولي.


سابعًا: نصائح قانونية لصياغة شرط تحكيم فعال

لضمان نجاح شرط التحكيم وتنفيذه، نقدم لك سبع نصائح قانونية أساسية:

  1. استخدم صيغة واضحة وملزمة – تجنب العبارات التقديرية.
  2. حدد محل التحكيم بدقة – الرياض، جدة، أو أي مدينة سعودية.
  3. اختر مركز تحكيم معتمدًا – مثل SCAI أو ICC.
  4. حدد عدد المحكمين وطريقة تعيينهم – لتجنب الجمود.
  5. اذكر القانون الموضوعي – هل هو القانون السعودي أم قانون آخر؟
  6. حدد لغة التحكيم – العربية أو الإنجليزية.
  7. راجع الشرط مع مستشار قانوني متخصص – لتجنب الأخطاء الفنية.

ثامنًا: مستقبل التحكيم في السعودية ورؤية 2030

تعد التحكيم جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية. وتدعم الدولة إنشاء محاكم تجارية متخصصة، وتطوير البنية التحتية القانونية، بما في ذلك تعزيز ثقافة التحكيم.

ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة:

  • زيادة في عدد المنازعات المُحالَة إلى التحكيم.
  • تطوير نماذج قياسية لشرط التحكيم.
  • تدريب أكبر للمحامين والشركات على آليات التحكيم.

خلاصة: كيف تضمن صلاحية شرط التحكيم في عقودك؟

في الختام، صياغة شرط التحكيم في النظام السعودي ليست مجرد بند شكلي، بل هي أداة قانونية قوية لحماية حقوق الأطراف وتسوية النزاعات بكفاءة وسرعة. ولضمان فعالية هذا الشرط، يجب أن يكون:

  • مكتوبًا.
  • واضحًا.
  • شاملًا للعناصر الأساسية (المحل، المحكمين، اللغة، القانون…).

ومن خلال اتباع النماذج المذكورة أعلاه، وتجنب الأخطاء الشائعة، يمكن لأي شركة أو فرد أن يدرج شرط تحكيم قوي وملزم قانونيًا.

موضوع مهم كيف تُقسم التركة في السعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل الآن واستفسر عما تريد