كيف تُقسم التركة في السعودية؟ في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا في مجالات القانون والقضاء، لا سيما في ما يتعلق بإجراءات تسوية التركات، خاصة فيما يخص كيف تُقسم التركة في السعودية التي تشمل عقارات متعددة، استثمارات، ديون، وورثة من أطراف مختلفة، تُعد كيف تُقسم التركة في السعودية التركة من الأمور الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على استقرار الأسرة وحقوق الملكية، لذا أولت الدولة اهتمامًا خاصًا فيما يخص كيف تُقسم التركة في السعودية وذلك بتنظيم هذه الإجراءات من خلال النظام السعودي للإرث وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وبما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تبسيط الإجراءات وتعزيز الشفافية، لذلك إذا كنت مهتم بكيف تُقسم التركة في السعودية عليك قراءة هذا المقال.
يهدف هذا المقال إلى توضيح طريقة تسوية التركات المعقلة في النظام السعودي، من خلال شرح الإجراءات القانونية، التحديات الشائعة، الأدوار المؤسسية، والحلول الممكنة.
تواصل الآن مع أفضل شركة محاماة مُتخصصة في قضايا التركات، واحصل على استشارة قانونية
أولًا: ما المقصود بالتركة المعقدة؟
تُعرف التركة بأنها جميع الأموال والحقوق المنقولة وغير المنقولة التي يتركها المتوفى وراءه. أما التركة المعقدة، فهي تلك التي تشمل:
- عقارات متعددة في مناطق مختلفة.
- أسهم أو استثمارات في شركات.
- ديون للمتوفى أو للورثة.
- وجود ورثة من أطراف متعددة (مثل زوجات سابقون، أبناء من زيجات مختلفة).
- نزاعات بين الورثة حول التوزيع.
- عدم وجود وصية رسمية أو توثيق مسبق.
هذه العوامل تصعّب عملية التوزيع وتتطلب تدخلًا قانونيًا دقيقًا من جهات مختصة مثل المحكمات الشرعية والدوائر الإرثية.
ثانيًا: الأسس الشرعية والقانونية لتسوية التركة في السعودية
يبنى نظام الإرث في المملكة العربية السعودية على أحكام الشريعة الإسلامية، خاصة ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد تم توحيد هذه الأحكام في نظام الإجراءات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22/2/1443ه، والذي ينظم كيفية التعامل مع قضايا الإرث.
أبرز المبادئ الشرعية التي تحكم تسوية التركة:
- تثبيت الورثة: يتم التحقق من هوية الورثة الشرعيين بناءً على وثائق رسمية (شهادة الوفاة، بطاقة الأحوال، عقود الزواج).
- تحديد التركة: تشمل جميع الممتلكات العقارية، النقدية، السيارات، الحسابات البنكية، وغيرها.
- سداد الديون: يجب سداد ديون المتوفى قبل توزيع التركة.
- الوصية: إذا ترك المتوفى وصية، فلا تتجاوز ثلث التركة، وفقًا لقول النبي ﷺ: “فلا وصية لوارث”.
- التوزيع حسب الفروض الشرعية: يتم توزيع التركة وفق نسب محددة في القرآن (مثل: النصف، الربع، الثمن، السدس، الثلثان…).
ثالثًا: خطوات تسوية التركة المعقدة في النظام السعودي
تتم تسوية التركة من خلال سلسلة من الإجراءات القانونية التي تنفذ عبر المحكمات الشرعية أو الدوائر الإرثية التابعة لوزارة العدل. وفيما يلي الخطوات التفصيلية:
1. إبلاغ المحكمة الشرعية بوفاة المُورِّث
يعد إبلاغ المحكمة الخطوة الأولى في إجراءات تسوية التركة. يقوم أحد الورثة أو الولي بإحضار:
- شهادة الوفاة الرسمية.
- بطاقة الأحوال المدنية للمتوفى.
- صورة من بطاقة الهوية لكل وريث.
2. تعيين قيّم على التركة (في الحالات المعقدة)
في حالة وجود نزاع أو تعقيدات مالية، قد تصدر المحكمة قرارًا بتعيين قيّم مؤقت على التركة، ومهام القيّم تشمل:
- جرد الممتلكات.
- إدارة العقارات أو الحسابات البنكية.
- منع التصرف غير المشروع في الميراث.
3. جرد وحصر التركة
يتم حصر جميع ممتلكات المتوفى، سواء كانت:
- منقولة: نقد، سيارات، ذهب، أسهم.
- غير منقولة: عقارات، أراضٍ، مباني.
ويتم ذلك من خلال:
- طلب كشف من البنوك.
- مراجعة السجل العقاري (عن طريق وزارة العدل أو منصة أراضي).
- التحقق من ملكية السيارات عبر منصة أبشر.
4. سداد الديون والمصاريف
قبل توزيع التركة، يجب:
- سداد ديون المتوفى (قروض، التزامات مالية).
- دفع تكاليف الجنازة والعلاج الأخير.
- سداد الزكاة إن وُجدت.
ويمكن للورثة تقديم مستندات تثبت هذه المصاريف للمحكمة.
5. توزيع التركة وفق الفروض الشرعية
توزع التركة بعد استيفاء الشروط السابقة، وفق قواعد الفروض والقرابة، وتستخدم برامج إلكترونية معتمدة من وزارة العدل لحساب الحصص بدقة.
مثال:
إذا توفي رجل وترك زوجة، وثلاثة أبناء، وابنتين، فإن التوزيع يكون كالتالي:
- الزوجة: 1/8 (بما أن له أولادًا).
- الابن: يأخذ ضعف نصيب البنت.
- يتم توزيع الباقي بين الأبناء حسب مبدأ الذكر مثل حظ الأنثيين.
6. إصدار صك حصر الإرث
بعد اكتمال جميع الإجراءات، تصدر المحكمة صك حصر الإرث، وهو وثيقة رسمية تُثبت:
- هوية الورثة.
- نصيب كل وريث.
- تفاصيل الممتلكات الموروثة.
ويستخدم هذا الصك في:
- نقل ملكية العقارات.
- سحب الأموال من البنوك.
- بيع أو تأجير العقارات المشتركة.
رابعًا: التحديات في تسوية التركة المعقدة
رغم التطور في النظام القضائي، تواجه تسوية التركة المعقدة عدة تحديات، منها:
1. النزاعات بين الورثة
غالبًا ما تنشأ خلافات حول:
- توزيع العقارات.
- تقييم قيمة الممتلكات.
- الشكوك حول شرعية بعض الورثة.
وهذا يستدعي تدخل المحكمة لحل النزاعات بالطرق القانونية.
2. تعقيد الإجراءات الورقية
رغم التحول الرقمي، لا تزال بعض الإجراءات تتطلب زيارات متعددة للدوائر الحكومية، مما يطيل مدة التسوية.
3. غياب الوصية أو التوثيق المسبق
كثير من المتوفين لا يتركون وصية مكتوبة، أو لا يوثقون ممتلكاتهم بشكل دقيق، مما يصعّب عملية التوزيع.
4. تعدد الجنسيات والورثة في الخارج
وجود ورثة في دول مختلفة يتطلب:
- ترجمة الوثائق.
- توكيلات قانونية معتمدة.
- تنسيق مع السفارات.
خامسًا: الحلول والمقترحات لتسهيل تسوية التركة
لتجاوز التحديات المذكورة، تقدم المملكة حلولًا رقمية وقانونية متطورة:
1. منصة التركات
تتيح هذه المنصات:
- طلب شهادة الوفاة إلكترونيًا.
- توثيق الوكالات.
- التواصل مع المحاكم.
2. الدوائر الإرثية المتخصصة
أنشئت دوائر متخصصة في المحاكم الكبرى لتسريع إجراءات تسوية التركة، وتقليل الجلسات.
3. التوصية بالوصية الموثقة
تشجع وزارة العدل المواطنين على كتابة الوصية الموثقة لدى المحكمة، والتي تسجل إلكترونيًا وتُحفظ في النظام المركزي، مما يقلل النزاعات.
4. الاستعانة بالمحامين والمستشارين القانونيين
يلجأ كثيرون إلى محامين متخصصين في قضايا الإرث للمساعدة في:
- تحليل الحالة القانونية.
- تمثيل الورثة أمام المحكمة.
- صياغة الوكالات.
سادسًا: الدور التنسيقي بين الجهات الحكومية
تسوية التركة تتطلب تعاونًا بين عدة جهات، منها:
المحكمة الشرعية | إصدار صك حصر الإرث وحل النزاعات |
وزارة العدل | إدارة الدوائر الإرثية وتقديم الخدمات الرقمية |
الأحوال المدنية | إصدار شهادة الوفاة وتحديث بيانات الورثة |
البنوك | تجميد الحسابات وسحب الأموال وفق الصك |
السجل العقاري (أراضي) | نقل ملكية العقارات |
وهذا التنسيق يسهم في تقليل الوقت والتكلفة.
سابعًا: تأثير التحول الرقمي على تسوية التركة
مع إطلاق التحول الرقمي ضمن رؤية السعودية 2030، أصبحت إجراءات تسوية التركة أكثر كفاءة:
- الخدمات الإلكترونية: يمكن تقديم طلبات تسوية التركة عبر بوابة وزارة العدل.
- التوقيع الإلكتروني: يُستخدم في الوكالات والمستندات.
- الذكاء الاصطناعي: تُستخدم برامج حساب الفروض لتحديد الحصص بدقة.
وقد أظهرت إحصائيات وزارة العدل أن متوسط وقت تسوية التركة انخفض من 12 شهرًا إلى 3-6 أشهر بفضل هذه التحسينات.
ثامنًا: نصائح قانونية للورثة لتسهيل تسوية التركة
لضمان سير عملية تسوية التركة بسلاسة، ينصح الورثة بما يلي:
- التعاون والتوافق بين الورثة: تجنب النزاعات يسرّع الإجراءات.
- الاحتفاظ بالمستندات: مثل عقود الزواج، شهادات الميلاد، كشوف الحسابات.
- طلب المساعدة القانونية مبكرًا: من محامٍ أو مستشار قانوني.
- توثيق الوصية مسبقًا: لتفادي الخلافات.
- استخدام الخدمات الإلكترونية: لتقليل الوقت والجهد.
خلاصة: نحو نظام أكثر كفاءة وعدالة في تسوية التركة
تعد تسوية التركة المعقدة في النظام السعودي عملية قانونية ودينية حساسة تتطلب دقة واحترافية. ومع التطورات الحديثة في البنية القانونية والرقمية، أصبحت المملكة قادرة على معالجة هذه القضايا بكفاءة أكبر، مع الحفاظ على القيم الشرعية والاجتماعية، ومن خلال الإجراءات القانونية الواضحة، التنسيق بين الجهات الحكومية، والتحول الرقمي، أصبح من الممكن تقليل الوقت، تجنب النزاعات، وضمان حقوق جميع الورثة.
موضوع مهم مذكرات دفاع في قضايا المخدرات